قالت بلومبرج: إن "الأزمة المالية السعودية قد تؤثر على مساهمتها في تمويل إعادة إعمار غزة، ونقلت الشبكة عن 3 أشخاص مطّلعين على المداولات الحالية للقيادة السعودية أنه من المتوقع أن تعتمد السعودية على دول الخليج الأخرى مثل قطر والإمارات، وربما الكويت، التي ترى أنها تمتلك سيولة أكبر، لتوفير الجزء الأكبر من تمويل غزة".
وأشارت مصادر بلومبرج أن السعودية "مقيّدة" فيما يتعلق بما يمكن أن تلتزم به ماليًا تجاه غزة، وذلك بسبب انخفاض أسعار النفط الذي دفعها إلى تقليص العديد من المشاريع الكبرى، بالإضافة إلى أن السعودية "أنهت تقليدًا عريقًا في تقديم المنح".
وتحت عنوان "مساعي ترامب لدفع دول الخليج لتمويل إعادة إعمار غزة تواجه عقبات" أكدت "بلومبرج" إلى أنه لدى السعودية والإمارات وقطر تحفظات محددة بشأن تقديم التمويل غير المشروط لإعادة الإعمار، وفقًا لعدة أشخاص مطلعين على تفكير المسؤولين الخليجيين:
السعودية
من المتوقع أن تعتمد السعودية على دول الخليج الأخرى مثل قطر والإمارات، وربما الكويت، التي ترى أنها تمتلك سيولة أكبر، لتوفير الجزء الأكبر من تمويل غزة، حسبما قال ثلاثة أشخاص مطلعين على المداولات الحالية للقيادة السعودية.
الإمارات
والإمارات مترددة في تخصيص أموال كبيرة لغزة، قال مسؤول إماراتي كبير: إن "أبو ظبي تريد أولًا نزع سلاح حماس بالكامل واستبعادها من أي دور مستقبلي في حكم غزة، فضلًا عن إجراء إصلاح كامل للسلطة الفلسطينية".
قطر
وتركز قطر على التأكد من أن إسرائيل ستُنفّذ نصيبها من اتفاق السلام قبل أن تضع أي أموال في إعادة بناء القطاع، وفقًا لأشخاص مطلعين على تفكير الدوحة.
تقبل قطر ودول عربية أخرى استبعاد حماس من القيادة المؤقتة لغزة، كما ورد في خطة ترامب.
السبب الحقيقي
ومن جانب آخر كشف تحقيق لشبكة "سكاي نيوز" البريطانية، عن تنسيق بين الامارات وإسرائيل لرعاية وتمويل أربع عصابات مسلحة داخل غزة لإدارة حرب أهلية داخلية ضد حماس، التحقيق كشف عن استخدام الإمارات لمناطق في اليمن كمحطة للتدريب والدعم اللوجستي لتلك العصابات، وهي :
– مليشيا حسام الأسطل
– مليشيا ياسر أبو شباب
– مليشيا رامي حلس
– مليشيا أشرف المنسي
كما كشفت معاريف "الإسرائيلية" أن "أبوظبي تمنح الاحتلال "الإسرائيلي" حق إنشاء أول شركة أسلحة في الخليج".
70 مليار دولار
ولفتت بلومبرج إلى أنه قبل توقيع خطته للسلام في غزة في أكتوبر الجاري، ألقى الرئيس الأميركي دونالد ترامب كلمة في البرلمان الإسرائيلي، وشكر فيها 'الدول العربية والإسلامية' على تعهدها بتقديم 'مبالغ هائلة' لإعادة إعمار غزة.
وبدا أن ذلك قد حسم – بالنسبة إلى الرئيس الأميركي على الأقل – مسألة كيفية توفير مبلغ الـ70 مليار دولار الذي تقول الأمم المتحدة: إنه "ضروري لإعادة إعمار القطاع الذي دمّرته الحملة العسكرية الإسرائيلية ضد حماس على مدى عامين".
ولفت التقرير إلى أن مصر تستضيف الشهر المقبل (نوفمبر) مؤتمرًا دوليًا لإعادة إعمار غزة، وستكون الدول الخليجية من أبرز المشاركين فيه، مما سيضع مسألة التمويل في صدارة النقاشات.
وفي الأثناء، تتقدم قضايا ما بعد الحرب الأخرى – مثل مدى التزام إسرائيل بالاتفاق ونزع سلاح حماس – على جدول أولويات المسؤولين الذين يشرفون على الأسابيع الأولى من الهدنة الهشة أحيانًا.
وقالت مصادر: إن "السعودية، التي قادت الدول العربية والإسلامية للدفع نحو وقف إطلاق النار، وتولت مع فرنسا جهود تعزيز الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية، مقيدة من حيث ما يمكنها الالتزام به ماليًا تجاه غزة، ويعود ذلك أساسًا إلى انخفاض أسعار النفط بأكثر من 10% هذا العام، مما دفع المملكة إلى تقليص عدد من المشاريع الكبرى المرتبطة بخطة التحول الاقتصادي لولي العهد الأمير محمد بن سلمان. كما أن الرياض أنهت تقليدًا طويلًا في تقديم المنح المجانية".
ويقول الكاتب والمحلل السعودي علي الشهابي، المقرّب من الديوان الملكي: “الرياض تتحسس من كتابة شيكات على بياض بعد عقود من الفساد وسوء استخدام الأموال من قِبل متلقّين في العالمين العربي والإسلامي”.
ويقول ثلاثة أشخاص مطلعين على مداولات القيادة السعودية الحالية، يُتوقع أن تعتمد المملكة على دول خليجية أخرى مثل قطر والإمارات، وربما الكويت، التي تراها أكثر سيولة، لتوفير الجزء الأكبر من تمويل غزة.
النفوذ ودور الكلمة
ومن المرجح أن يعوّل ترامب على قطر لتوفير جزء كبير من تمويل إعادة إعمار غزة، وفقًا لما قاله فراس مقصد، المدير التنفيذي لممارسات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة أوراسيا.
وكان الرئيس الأميركي قد منح الدوحة ضمانةً أمنية في وقت سابق من هذا الشهر، مما عزّز العلاقات بين البلدين، غير أن قطر ستطلب في المقابل بعض المكاسب السياسية.
وقال مقصد: “قطر تريد نفوذًا ودورًا في غزة، سواء عبر حماس منزوعة السلاح جزئيًا، أو حماس سياسية منزوعة السلاح بالكامل، أو صيغة أخرى من الترتيب”، مضيفًا أن “ذلك سيكون إشكاليًا بالنسبة لإسرائيل”.
وقالت ياسمين فاروق، مديرة مشروع الخليج وشبه الجزيرة العربية في مجموعة الأزمات الدولية، إن دول الخليج “تتفق جميعها على أنها لن تضع أموالًا في غزة ما لم تتأكد أولًا من أن ما حدث لن يتكرر”، في إشارة إلى هجوم حماس في السابع من أكتوبر وما تلاه من صراع.
وأضافت: “هذا يعني الحصول على ضمانات من حماس بأنها لن تهاجم إسرائيل، ومن إسرائيل بأنها لن تستأنف الحرب”.
أما مصر، التي تنظر إلى غزة المجاورة باعتبارها جزءًا من مجال نفوذها الطبيعي، فهي حريصة على أن تضطلع شركات القطاع الخاص لديها بدور قيادي في مشاريع إعادة الإعمار والتنمية المموّلة دوليًا، بما في ذلك قطاعات الغاز والطاقة، وفقًا لما قاله الوزير الأردني الأسبق والمستشار الحالي إبراهيم سيف.
وأوضح سيف أنه يتفهم تردد دول الخليج في الحديث عن إعادة الإعمار في ظل الخطر الحقيقي من احتمال تجدّد القتال بين إسرائيل وحماس، وتجاربها السابقة في غزة، والأسئلة العالقة حول نطاق عملية الإعمار.
وقال: “هل المقصود هو فقط إعادة بناء ما تضرر؟ أم أن هناك خطة شاملة تجعل من غزة منطقة تملك ميناءً ومنظومة كهرباء ومياه وصرف صحي متكاملة؟”، بحسب بلومبرج.
