لعل لجوء حكومة السيسي للطنطنة الإعلامية حول أرقام الموازنة الجديدة، والتركيز على الأرقام الجديدة مجردة، دون أية ربط بأسعار العملة أو بأسعار السلع والمنتجات، أو حتى بربطها بالأرقام السابقة والنسب التي كانت موجودة، وذلك لخداع المصريين، وإيهامهم بأن هناك زيادات كبيرة في مخصصات الإنفاق الحكومي على الصحة والتعليم والدعم وغيرها.
وفي هذا السياق، قال وزير المالية محمد معيط: إن “ميزانية مصر للعام المقبل ستشهد زيادة في الإنفاق على قطاع الصحة بنحو 25%، وعلى التعليم بنسبة 45%، ضمن التوجه للتركيز على التنمية البشرية للمواطنين”.
وقال معيط، في بيان: إن “الدولة سوف تركز على التنمية البشرية خلال الست سنوات المقبلة، اعتبارا من العام المالي الجديد 2024- 2025، من خلال الالتزام بتعزيز الإنفاق على الصحة والتأمين الصحي الشامل وتطوير التعليم، وذلك على الرغم من تحمل الحكومة الكثير من آثار الأزمات العالمية والإقليمية”.
وأضاف أنه سيتم رفع مخصصات القطاع الصحي إلى 495.6 مليار جنيه بموازنة العام المالي المقبل، مقارنة بـ396.9 مليار في العام المالي الحالي، وبنسبة ارتفاع 24.9%، ورفع مخصصات قطاع التعليم إلى 858.3 مليار جنيه، مقارنة بـ591 مليارا خلال العام المالي الحالي، وبنسبة ارتفاع 45%، وفق ما نشرته وكالة أنباء العالم العربي، وسيتم كذلك زيادة مخصصات البحث العلمي لأكثر من 139.5 مليار جنيه من 99.6 مليار بنسبة زيادة 40.1%”.
وفي فبراير الماضي، كشفت الحكومة عن توقعها ارتفاع عجز الموازنة خلال العام المالي الحالي عن المستهدف ليصل إلى مستوى 7.65% من الناتج المحلي الإجمالي، بدلا من 7% كانت مستهدفة عند إعداد الموازنة خلال موسم الصيف الماضي.
فيما خفضت وزارة المالية توقعاتها للإيرادات العامة خلال العام المالي الحالي، وفقا للبيان المالي الشهري لوزارة المالية، لتتراجع بنحو 153.6 مليار جنيه، ولتسجل بعد المراجعة 1.98 تريليون جنيه، مقابل 2.14 تريليون كانت مستهدفة، وجاء الانخفاض بسبب خفض توقعات الموارد والمصادر الرأسمالية الأخرى لتمويل الاستثمارات بعد المراجعة لتسجل 74.4 مليار جنيه مقابل 124.4 مليار جنيه.
زيادة اسمية في قيمة الدعم
وخصصت الحكومة في الموازنة المقبلة 2023-2024 حوالي 529.7 مليار جنيه لمنظومة الدعم، أي ما يعادل 17.7 % من حجم الإنفاق الحكومي فقط مقارنة بتخصيص 201 مليار جنيه في موازنة 2016-2017 أي ما يعادل 26.8 % من حجم الإنفاق العام.
بالتالي فإن الإنفاق الحكومي على الدعم تراجع من 8 % من الناتج المحلي الإجمالي عام 2016-2017 إلى 4.5 % من الناتج المحلي الإجمالي في الموازنة الحالية.
ورغم أهمية الدعم السلعي في خفض معدلات الفقر عن طريق توفير المنتجات الأساسية بأسعار مناسبة في ظل ارتفاع معدلات التضخم بشكل مستمر، فإن ما تحصل عليه الأسرة من دعم للسلع الغذائية لا يتجاوز الـ7.4% من إجمالي استهلاكها الغذائي، بحسب التقرير الصادر عن الجامعة الأمريكية بالقاهرة.
وتوفر الحكومة المصرية 23 مليون بطاقة تموينية يستفيد منها 64 مليون مواطن، إلا أن قيمة الدعم عليها زهيدة لا تزيد على الـ50 جنيها شهريّا لكل فرد، ولم تشهد أي زيادة منذ عام 2017 رغم ارتفاع معدلات التضخم أكثر من 500 % منذ ذلك الوقت.
ووفق دراسات وتقارير دولية، فقد أدى تراجع الدعم الفعلي للأسر ومخصصات الصحة والتعليم الفعلي، إلى تدهور أوضاع ملايين الأسر المصرية، وزيادة معاناتهم مع فشل الحكومة في حمايتهم وتوفير بدائل، وسيؤدي ذلك إلى انهيار الوضع الصحي، وإلى عواقب صحية ومجتمعية خطرة للغاية مثل تفشي الأمراض وزيادة معدل الجريمة والتفسخ الأسري، وقد يؤدي الوضع إلى انفجار شعبي غير معروفة عواقبه.