صرخات نساء لمن يسمع ..قصص مأساوية للمعتقلين بسجون السيسى باليوم العالمى لحقوق الإنسان؟!

- ‎فيتقارير

مع حلول اليوم العالمي لحقوق الإنسان، اليوم الأربعاء 10 ديسمبر، تبدو صورة مصر بعيدة كل البُعد عن شعارات الحرية والكرامة؛ فبينما يحتفي العالم بهذا اليوم، تزخر السجون المصرية بقصص مأساوية لمعتقلين سياسيين منهم ومن بينهم نساء، يئنّون تحت وطأة التهم الباطلة والحبس الانفرادي والإهمال الطبي، دون أي استجابة من السلطات أو محاسبة حقيقية لمسؤولي الانتهاكات.

 

في ظل نظام دموي لا تعنيه قيم حقوق الإنسان، يطلق أقارب المعتقلين من النساء مناشدات عاشرة لصون الحق والحياة.

 السيدة إسراء النجار ، زوجة  ،المحامي المعتقل أسامة محمد مرسي ونجل الرئيس الشهيد محمد مرسى— غردت على «فيسبوك»: «اليوم يمر على اعتقال أسامة 9 سنوات… كنت أظنّ أنّ الأيام لن تمر…»، داعية الله أن يعيده إليها «سالمًا معافى».

كذلك زوجة الأكاديمي المعتقل عبدالقادر فاروق، السيدة نجلاء سلامة، طالبت عبر وسيلة إعلامية بالإفراج عنه فورًا، مؤكّدة أنه «عالم اقتصاد يُناقش وليس مجرما»؛ نوهت أن زوجها (69 عاماً) مضى عليه أكثر من سنة ونصف في الحبس شبه الانفرادي، حيث يُمنع من التواصل مع العالم الخارجي، من رؤية الشمس أو حمل ورقة وقلم، أو حتى التريض إلا منفرداً.

 

من جهتها، زوجة الناشط محمد عادل — روفي حمدي — نوّهت إلى أن زوجها دخل عامه الثالث عشر في الاعتقال، وتعيش «ضبابية مشهد لا نعرف متى ينتهي»، وسط إصاباته بـ«خلع في الكتف وتمزق أربطة الركبة».

 

أما منى المصري، زوجة الدكتور المعتقل أحمد عبدالعاطي (سكرتير رئيس الجمهورية السابق)، فشدّدت على معاناة الانتظار الذي امتد لعقد كامل منذ اعتقاله قبل 13 عاماً، معربة عن ألم العيش وحيدة بعد أن كانت تأمل أن تسير معه «خطوة بخطوة».

 

وبين النساء المعتقلات السابقات، عبّرت مرة مدبولي عن مأساة أسر المعتقلين بقسوة كلماتها: «الرحلة بدأت من جديد… نيابة، زيارات، محاكم، قضبان، سجن، سجان، حزن، قلق، ولا أمان».

 

على نحو متواصل، تُرسل هذه النساء عبر صفحات التواصل الاجتماعي استغاثات متكررة دون مجيب، ترصد فيها صورًا من الألم واليأس تحت أقسى أنواع الظلم.

 

صورة قاتمة لحقوق الإنسان في مصر

 

بين احتفالات الدول في هذا اليوم، تبدو حقوق الإنسان في مصر رهينة القمع والتكميم. يشير ناشطون إلى انعدامه تقريبًا: حرية التعبير والتجمع صارت حلمًا بعيدًا، وقد تآكلت الحقوق الاقتصادية والعدالة الاجتماعية، بينما تستمر الاعتقالات التعسفية بحق المعارضين السلميّين.

 

آخر فصول هذه المعاناة كانت بإصدار حكم غيابي بالسجن المؤبد بحق مجموعة من الإعلاميين من بينهم معتز مطر، عبدالله الشريف، محمد ناصر، حمزة زوبع، وسيد توكل، بتهم «الانضمام وقيادة جماعة إرهابية»، في محاكمات يصفها حقوقيون بأنها «سياسية ومسيّسة».

 

وفِي مشهد مؤلم آخر، تحولت الاستغاثة بحق شاب يُدعى عبدالرحمن جمال الشيخ إلى جريمة بحد ذاتها — حيث حكم على والدته، السيدة هدى عبدالحميد محمد أحمد، بالسجن 3 سنوات مع مراقبة 3 سنوات أخرى، لمجرّد مطالبتها بالتحقيق في تعرض ابنها لاعتداء جنسي داخل محبسه.

 

تقول منظمات حقوقية إن هذا ليس سوى «غيض من فيض» من الانتهاكات: اعتقالات جماعية للنساء والفتيات، حبس احتياطي بلا محاكمات، أحكام إعدام جماعية، تعذيب وسوء رعاية طبية، حرمان من الزيارة، وفي بعض الحالات، الاختفاء القسري.

 

وبحسب تقرير حديث، فإن عدد النساء المعتقلات سياسياً يتجاوز الألف، بينما يُقدَّر عدد المعتقلين السياسيين بما يقارب مائة ألف — بينهم أطفال — يواجهون أوضاعًا إنسانية مأساوية.

 

صوت حقوقي: دعوة لإفاقة دولية

 

في تعليق له بمناسبة هذا اليوم، قال الحقوقي محمود جابر إن الاحتفال العالمي لحقوق الإنسان أصبح «قامة مكسورة في مصر»، مستنكرًا «صمت المجتمع الدولي»، ومشددًا على أن الوضع الحقوقي في البلاد «يتطلب مراجعة شاملة فورية».

 

أضاف أن التحديات كبيرة: من التضييق على الحريات، والاعتقالات التعسفية للسياسيين والنساء، إلى الأحكام الجائرة وسوء معاملة السجناء، والانتهاكات الطبية والعمل الظالم، والفقر المدقع وانهيار الحقوق الأساسية في التعليم والصحة.

 

وخلص إلى أن الخطوة الأولى لإنقاذ ما تبقى من كرامة إنسانية في مصر تتطلب قرارات بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، إلغاء أحكام الإعدام والسجن المؤبد، مراجعة القوانين القمعية، وتفعيل التزامات الدولة تجاه العهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان.

 

في العاشر من ديسمبر… صمتٌ قاتل

 

في ظل هذه الظروف، تمر الذكرى السنوية لليوم العالمي لحقوق الإنسان على مصر مرور الكرام. لا مراسم رسمية ولا بيانات تضامن، بل حائط صمت دولي مخيف. تحاصر الاعتقالات النساء، والأطفال، والمفكرين، وتخنق حرية التعبير.

 

اليوم، تردد أسر المعتقلين ومنشقو النظام ومنظمات حقوقية واحدة من أعنف الرسائل: «مصر اليوم ليست في حاجة إلى شعارات، بل إلى إنقاذ حياة آلاف من أبرياء قابعين خلف قضبان بلا تهمة تذكر».

 

وفي هذا العاشر من ديسمبر، يبقى السؤال:

هل سيبصر ضمير دولي أو عربي ما يجري في مصر… أم يبقى صوت النساء المختنقات خلف القضبان، صدىً في اتساع الليل؟