لماذا تسبب حرب إسرائيل على حماس المتاعب للسيسي؟

- ‎فيأخبار

“نوايا دولة الاحتلال لتدمير حركة المقاومة الإسلامية حماس وتهجير الفلسطينيين من غزة إلى سيناء، أثارت مخاوف أمنية لنظام عبدالفتاح السيسي، على الرغم من أن مصر لديها علاقة معقدة ومشحونة مع حماس”.

بهذه العبارة بدأ التحليل الذي نشره موقع “العربي الجديد”، الذي أِار إلى أنه كانت إحدى السمات الأكثر ديمومة في الشرق الأوسط على مدى العقد الماضي هي العلاقة الوثيقة بين نظام عبد الفتاح السيسي ودولة الاحتلال.

وقال التقرير: إنه “منذ توقيع اتفاقيات كامب ديفيد عام 1978 بين مصر ودولة الاحتلال، تعمقت العلاقات بين البلدين من اتفاق سلام إلى علاقة متبادلة المنفعة، وفي الواقع، منذ استيلاء السيسي على السلطة في عام 2013، تطورت دولة الاحتلال لتصبح حليفا وثيقا للنظام، مع زيادة التعاون الأمني وتوثيق العلاقات الاقتصادية، مع مشاركة إسرائيلية نشطة في دعم استقرار النظام”.

وأضاف التقرير أن هناك العديد من الأمثلة على ذلك التي تمتد لما يقرب من عقد من ولاية السيسي، على سبيل المثال، في عام 2013، ضغطت لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (أيباك) في واشنطن لضمان استمرار تدفق المساعدات الأمريكية للنظام بعد وصوله إلى السلطة في انقلاب عسكري دموي.

وفي عام 2018، ظهرت تقارير تفيد بأن النظام لجأ إلى دولة الاحتلال للحصول على الدعم في قمع التمرد المتنامي في سيناء، وردت سلطات الاحتلال بشن غارات جوية في سيناء ضد المتمردين.

وقبل أسابيع، كشف تقرير آخر أن دولة الاحتلال باعت نظام السيسي برامج تجسس متطورة يمكن استخدامها للتجسس على المعارضين السياسيين، تم استخدام هذا البرنامج للتجسس على المرشح الرئاسي المحتمل، أحمد الطنطاوي، في سبتمبر 2023، حيث كان يحاول جمع التواقيع اللازمة لتحدي السيسي في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

وأوضح التقرير أنه مع استمرار دولة الاحتلال في هجومها على غزة، واستمرار ارتفاع عدد القتلى المدنيين، يتعرض التحالف الوثيق بين القاهرة وتل أبيب لضغوط متزايدة.

تاريخيا، لعبت مصر دورا رئيسيا في التوسط ووقف تصعيد العنف بين الاحتلال وحماس، ولكن مع استمرار الاحتلال في رفض الدعوات لوقف إطلاق النار، بدأت التوترات الواضحة في الظهور بين الحليفين لأول مرة منذ عقد من الزمان.

وأشار التقرير إلى أن سلطات الاحتلال أعلنت أنها تنوي محو حماس من على وجه الأرض ولن تتوقف حتى تفعل ذلك، كما أعربت عن نيتها الطرد الجماعي للفلسطينيين في غزة إلى سيناء، وهذان السيناريوهان خطيران للغاية من وجهة نظر القاهرة، التي تفضل سياسة استمالة حماس واحتوائها بدلا من تدميرها.

ولفت التقرير إلى أن العلاقة بين السيسي وحماس، التي انبثقت عن الفرع الفلسطيني لجماعة الإخوان المسلمين، معقدة وتأرجحت بين العداء الصريح للتسوية والاحتواء، وخلال سنواته القليلة الأولى في السلطة، شرع النظام في حملة دعائية ضد الجماعة، متهما إياها بأنها منظمة إرهابية متواطئة في أعمال العنف في مصر.

وفي عام 2016، اتهم وزير الداخلية المصري، مجدي عبد الغفار، حماس باغتيال النائب العام في انفجار سيارة مفخخة. وقد دفع ذلك مقدم البرامج الحوارية الموالي للنظام أحمد موسى إلى الدعوة إلى شن حملة عسكرية عربية منسقة ضد الجماعة.

وقد نبع ذلك من اعتبارات داخلية، حيث حاول النظام التأكيد على وجود صلة بين جماعة الإخوان المسلمين في مصر وحماس، مما سمح له بتصوير جماعة الإخوان المسلمين كجماعة إرهابية وبناء دعم شعبي لمشاركتها في حصار قطاع غزة.

وفي الواقع، استخدم النظام هذا الدعم الشعبي لتشديد حصاره على غزة، ودمر 1,370 نفق تهريب في عام 2014، واستخدم مياه البحر لتدمير شبكة الأنفاق في عام 2015.

ومع ذلك، سرعان ما أفسحت سياسة المواجهة هذه المجال لسياسة التسوية، حيث تعمل حماس مع النظام لمحاربة مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في سيناء وقمع وجود داعش في غزة، وشمل ذلك حتى زيادة التعاون الأمني الحدودي، مع إقامة جدار حدودي بين غزة ومصر في عام 2020.

ولهذه الأسباب، فإن نية الاحتلال الصريحة لتدمير حماس تمثل معضلة عميقة للنظام المصري، وإذا تم القضاء على حماس في غزة، فإن ذلك سيترك فراغا في السلطة يمكن ملؤه بجماعات أخرى أكثر تشددا، مع آثار غير مباشرة محتملة من غزة إلى سيناء.

ونوه التقرير بأن هذا هو السيناريو الذي تحرص القاهرة على تجنبه بأي ثمن، بعد سنوات من النضال لاحتواء التمرد المسلح في سيناء، والذي أودى بحياة 3,277 من أفراد قوات الأمن.

وإلى جانب النظر إلى حماس كطرف يمكن للسيسي استمالته، يشعر النظام بالقلق أيضا من احتمال حدوث نزوح جماعي للفلسطينيين إلى سيناء، لأسباب متعددة متشابكة.

أولا، قد يكون قبول تدفق اللاجئين الدائمين في سيناء بمثابة قوة مزعزعة للاستقرار وتهديد أمني طويل الأجل، مما يدفع المقاومة الفلسطينية إلى الأراضي المصرية، هناك معارضة شعبية عميقة داخل قاعدة النظام ضد فكرة إعادة التوطين.

وينبع هذا أيضا من دعاية النظام نفسه، التي اتهمت جماعة الإخوان المسلمين بالتآمر لبيع سيناء للفلسطينيين، وهو اتهام صدقته قاعدة النظام على نطاق واسع، ومن شأن أي محاولات لإعادة التوطين أن تؤدي إلى رد فعل شعبي عنيف، ليس فقط من المعارضة ولكن من قاعدة النظام نفسه.

في خضم أزمة اقتصادية عميقة وانتخابات رئاسية تلوح في الأفق، يدرك السيسي أنها ليست لحظة مناسبة لمثل هذا المسعى المحفوف بالمخاطر، والذي عارضه علنا في مؤتمر صحفي مع المستشار الألماني أولاف شولتس.

ومع ذلك، فإن البدائل السياسية التي يمتلكها النظام محدودة للغاية، مما يعكس ضعف دور القاهرة الإقليمي، على سبيل المثال، لم يتم تجاهل قمة القاهرة للسلام، التي نظمها النظام في 21 أكتوبر، من قبل الإسرائيليين والولايات المتحدة فقط التي أرسلت القائم بالأعمال، ولكنها فشلت في تحقيق انفراجة.

ومع استمرار فشل الجهود الدبلوماسية للضغط على الاحتلال لوقف إطلاق النار، اضطر النظام إلى الاعتماد على المواقف.

ودعا السيسي إلى احتجاجات نادرة في محاولة لاستمالة المشاعر الشعبية المتنامية ضد الهجوم الإسرائيلي وتصوير نفسه على أنه حامي الأمن القومي المصري ضد مؤامرة نقل الفلسطينيين من غزة إلى سيناء.

من منظور عملي، إلى جانب تنظيم مؤتمر سلام فاشل، لم يفعل النظام سوى القليل جدا لوقف الحرب، ليس بسبب الافتقار إلى الإرادة، بل بسبب غياب القدرة.

يواجه النظام الآن كارثة إنسانية على حدوده وتحديا أمنيا متزايدا لا حول له ولا قوة لوقفه، وهذا نتيجة سنوات من تضاؤل النفوذ الإقليمي، ومشاركة النظام النشطة في تجميد الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين.

وشاركت مصر، جنبا إلى جنب مع القوى الإقليمية الأخرى، في زرع الوهم الإسرائيلي بأن مصالحها الوطنية يمكن تحقيقها دون التفاوض مع الفلسطينيين من خلال إدارة الاحتلال والاستمرار في استعمار الأراضي الفلسطينية.

واختتم التقرير بقوله: إن “الأمل الوحيد للنظام الآن هو أن تدرك القيادة الإسرائيلية عدم جدوى مهمة تدمير حماس، وأن المخاوف الأمريكية بشأن عدم وجود أهداف حرب قابلة للتحقيق وتحذير بايدن بعدم إعادة احتلال غزة ستردع أي عمل عسكري من شأنه أن يكون كارثيا بالنسبة للنظام”.

 

https://www.newarab.com/analysis/why-israels-war-hamas-spells-trouble-egypts-sisi